شم النسيم يعيد ضحكة 90 مليون مصري
بالونات ملونة حملت ألوان الربيع وانطلقت في الفضاء، سباق دراجات حمل الفتية والفتيات إلى رحاب الترابط والمودة، مسيرات جماعية لأسر مصرية أعلنوا التحدي في وجه دعاوى التفرقة وفتاوى التحريم، توافد بكثافة على المراكب النيلية، وازدحام عام شهدته الحدائق والمتنزهات العامة، تراتيل وترانيم وأجراس كنائسية، أشجار تزينت بكل ألوان الورود، وهدوء ملأ أرجاء العاصمة التي كانت تعاني من صخب التكدس المروري والزحام البشري.

كان هذا المشهد الذي اكتست به ميادين وحدائق القاهرة منذ صباح اليوم، وأجمل ما ميزه هو لغة الحب والإصرار على الفرحة الجماعية، ليمثل قرارًا جماعيا بعودة الضحكة لـ 90 مليون مواطن بعد 4 أعوام من الصراعات والعنف والدماء.
بدأت مظاهر الاحتفال بيوم شم النسيم ذلك التقليد الذي اعتاده المصريون منذ عهد القدماء المصريين، مع انطلاق أشعة الشمس، في السادسة على اختلاف اتجاهات وميول الأسر المصرية والمراحل العمرية، وقررت بعض الأسر النزوح إلى المنطقة الأشهر والتي ارتبطت قديما بهذا اليوم في محافظة القليوبية بالتحديد منطقة القناطر الخيرية، حيث الماء والهواء الطلق واللون الأخضر الذي خيم على الأرجاء.

أما فئة الشباب فتعددت مقاصدهم، ففضل البعض عقد سباق جماعي للدراجات جمع الفتية والفتيات معا في مشهد حضاري يتحدى كل ما قيل عن التحرش وعدم احترام الحريات.
سارة محمد الدسوقي، الطالبة بالجامعة الألمانية، قررت أن تتخلى عن الشكل التقليدي في الملبس، وقررت ارتداء ترنج رياضي وكوتش، وانطلقت مع أصدقائها في سباق للدراجات منذ الصباح الباكر في منطقة القاهرة الجديدة، على أن ينتهي في العاشرة ظهرًا، ومن ثم تبدأ رحلتهم الجماعية لمحافظة الإسكندرية بالتحديد منطقة أبو قير.
فريق آخر من الشباب هواة العمل التطوعي قرروا أن يتخلوا عن سعادتهم في ذلك اليوم، وأن يكونوا سببا في إسعاد الآخرين، ونظمت مجموعات ليست بالقليلة من الشباب الذي لم يتعد العشرين من عمره وقفة حضارية على كوبري قصر النيل ارتدوا فيها "تي شيرت" أحمر مطبوع عليه من أجل ضحكة 90 مليونا، بعدما قاموا بتزيين الكوبري بأكمله بمجموعات كبيرة من البالونات الملونة في مشهد يدعوك للفخر بأن هؤلاء هم أبناء مصر من شبابها الواعي العاقل.

وأعرب محمود صلاح أحد الشباب المشارك في حملة "يلا نرجع ضحكة 90 مليون" المنتشرة على كوبري قصر النيل، عن سعادته البالغة لمشاركته في الحركة، وأن الفكرة جاءت كتعبير عن المشاركة والحب والتآلف بين المسلمين والمسيحيين، وأننا نسيج واحد، وهي أيضا دعوة للفرح ونسيان أي خلاف أو اختلاف أدى للتعصب والتنافر على مدى 4 سنوات.
تلاحم بين قطبي الحياة على الأراضي المصرية من المسيحيين والمسلمين، وبدت الزيارات وتبادل المأكولات الأشهر في ذلك اليوم من (رنجة وفسيخ وترمس وحمص) إلى جانب الرحلات الجماعية التي نظمها البعض فيما بينهم، وكأنها رسالة سلام لشياطين الأرض ممن يلهثون وراء الفتن ولا يملون من نغمة العزف على لحن الفتنة الطائفية الشاذ.
أما الأطفال فكان لهم النصيب الأكبر والحظ الأوفر من احتفالات هذا اليوم، وقرر الأطفال المسلمون قبل المسيحيين اتخاذ هذا اليوم إجازة جماعية حتى وإن لم يقرها وزير التعليم.
أحمد صواف طالب في المرحلة الابتدائية يقول: لونت 24 بيضة من بالأمس، بمعاونة أمي وكتبت على كل بيضة تهنئة، وكتبت اسم أحد من العائلة حتى أوزعها على أقاربي اليوم في زيارتنا لبيت جدتي سندس، فرحان أني مروحتش المدرسة انهارده، ومرتاح من الهووم وورك، ومبسوط إني لونت البيض، وعجب مامي ومبسوط أني لابس لبس جديد.
دور الأيتام لم تنعزل بأطفالها عن المشاركة في هذا الركب الجماعي لذا انطلقلت المركبات الجماعية للكثير من المؤسسات المعنية بالأطفال مثل جمعية رسالة، وحبات القلوب، وجمعية رعاية المعاقين الأيتام إلى جانب احتفالات مستشفى 5757 التي أعلنت عنها من الأمس، التي حملت مئات الأطفال نحو مدينة السادس من أكتوبر حيث الملاهي الأشهر.
نقلا عن البوابة نيوز